حِيْلَةُ الْعَنْكَبُوْتِ

أَخَذَ رَجُلٌ عَصًا وَغَرَزَهَا فِى بِرْكَةِ مَاءٍ بِالْقُرْبِ مِنْ حَافَّتِهَا, ثُمَّ أَخَذَ عَنْكَبُوْتًا وَوَضَعَهَا عَلَى طَرْفِ الْعَصَا, وَوَقَفَ يُلاَحِظُ مَا تَأْتِى بِهِ الْعَنْكَبُوْتُ مِنَ الْحِيْلَةِ لِلْخُرُوْجِ مِنْ تِلْكَ الْجَزِيْرَةِ.
فَنَزَلَتْ مِنْ أَعْلَى الْعَصَا بِبُطْءٍ حَتَّى وَصَلَتْ إِلَى الْمَاءِ, فَرَأَتْ أَنَّ الطَّرِيْقَ مَسْدُوْدَةٌ, فَجَعَلَتْ تَدُوْرُ حَوْلَ الْعَصَا أَمَلاً فِى أَنْ تَجِدَ مَنْفَذًا. وَلَمَّا خَابَ سَعْيُهَا عَادَتْ إِلَى أَعْلَى الْعَصَا, وَلَبِثَتْ بُرْهَةً مِنْ غَيْرِ أَنْ تَتَحَرَّكَ, كَأَنَّهَا تُفَكِّرُ فِى تَدْبِيْرِ حِيْلَةٍ تُخَلِّصُهَا مِنْ سِجْنِهَا.
وَأَخِيْرًا أَخْرَجَتْ مِنْ جَوْفِهَا خَيْطًا طَوِيْلاً أَلْصَقَتْ أَحَدَ طَرَفَيْهِ بِأَعْلَى الْعَصَا, وَأَرْسَلَتِ الثَّانِى يَطِيْرُ فِى الْهَوَاءِ, وَهِىَ تَرْقُبُ مَا يَفْعَل اللهَ بِهِ, إِلَى أَنْ وَقَعَ عَلَى شَجَرَةٍ صَغِيْرَةٍ عَلَى حَافَّةِ الْبِرْكَةِ وَلَصِقَ بِهَا, فَعَبَرَتِ الْقَنْطَرَةَ الَّتِى صَنَعَتْهَا, وَوَصَلَتْ إِلَى الْبِرِّ سَالِمَةً مَسْرُوْرَةً.
وَلَمَّا شَاهَدَ الرَّجُلُ ذَلِكَ, أَيْقَنَ أَنَّ اللهَ لَمْ يَخْلُقْ حَيَوَانًا مَهْمَا كَانَ صَغِيْرًا, مِنْ غَيْرِ أَنْ يَجْعَلَ فِيْهِ مَا يَسْتَطِيْعُ بِهِ أَنْ يُدَبِّرَ أُمُوْرَهُ بِنَفْسِهِ